إذا كنت تعتقد أن الثورة الشعبية في عصر الجيوش النظامية غير واردة، فهذا الكتاب سيغير تفكيرك تمامًا، وسيشرح لك كيف استطاع شعب أعزل هزيمة نظام كامل بمخابراته وجيشه وشرطته، هذا ما حدث في الثورة الإيرانية بقيادة (الخُميني) عام 1977م.
إن الاضطرابات التي أدت إلى إقصاء الشاه عن عرشه، وقيام نظام إسلامي بقيادة عدوّه اللدود (آية الله الخميني)، لم تكن ظاهرة منعزلة، وإنما كانت -وببساطة -آخر فصل في عملية تاريخية طويلة تعود جذورها إلى الميراث القومي والديني للشعب الإيراني، تفجرت ثم أُخمدت أثناء الأزمة التي نجمت عن قيام الدكتور (محمد مصدق) بتأميم صناعة البترول عام 1950-1953م، وعند ذلك أخذت شكلًا سريًا إلى أن انفجرت بشكل نهائي عام 1978- 1979م.
في العام 1907م، وبعد مفاوضات سرية طويلة، أعلنت الحكومتان البريطانية والروسية، أنهما وقّعتا على معاهدة تم بمقتضاها تقسيم (إيران) إلى ثلاثة أجزاء: منطقة نفوذ روسية كبيرة في الشمال، ومنطقة نفوذ بريطانية صغيرة في الجنوب، ومنطقة محايدة تشمل (طهران) في الوسط. وأثناء الحرب العالمية طلب الروس من (مظفر الدين شاه) شاه إيران تشكيل ما يسمى ببوليس أقاليم الشمال وأطلق عليه (فرقة الفوزاق)، والتي ضمت ضبّاطًا روسيين وضباط صف إيرانيين ومجندين. وعندما اندلعت الثورة الروسية 1917م، انسحب الضباط الروسيون تاركين الفرقة في أيدي ضباط الصف الإيرانيين، ليتولى (رضا ميرزا) قيادة الفرقة، ليستغل حالة الفوضى الشاملة ويقوم بخلع آخر شاه من أسرة (القاجار)، وينصب نفسه شاهًا على إيران سنة 1925م.
كان الشاه (رضا) من أصلٍ ريفي تمامًا، وكان أُميًا، ولم يتعلم القراءة والكتابة إلا بعد أن أصبح ضابطًا. ولكي يعزز عرشه اتخذ لنفسه لقب (بَهْلَوِي)، كما غير اسم بلاده بالكامل من (فارس) إلى (إيران)، وسعي إلى تزويج ابنه (محمد) من أعرق عائلة ملكية في الشرق، وهي أسرة (محمد علي) وتم تزويجه بالأميرة (فوزية) الشقيقة الكبرى للملك (فاروق) في عام 1938م. نشبت الحرب بعد الزواج مباشرة، وكان كل من الشاه و (فاروق) يتمنيان انتصار الحلفاء، وتعاون الشاه معهم بوضوح بعد غزو (فرنسا)؛ لذا لم تكن مفاجأة له أن تقوم القوات البريطانية والروسية، بغزو بلاده وإرغامه على التنازل عن العرش لابنه في عام 1941م.
كان العدوَّان المألوفان لدى الشعب الإيراني هما الروس والإنجليز؛ لذا كان من الطبيعي أن يقابل الشعب الإيراني جهود الولايات المتحدة بترحاب شديد. لقد كانت سمعتهم طيبة كقوة تقدم المساعدات دون مقابل؛ فاكتسبوا ثقة الشاه وكذلك الشعب الإيراني، ولكن الحكومة الأمريكية كانت تعرف تمامًا ما تريده من (إيران): التسهيلات الجوية من أجل الجهود الحربية، وكذلك امتيازات البترول، وكانت تدرك أيضًا ضعف (إيران) في مواجهة جارها (الاتحاد السوفيتي)؛ لذا سعت لتقوية هذه الدولة من خلال وسائل ثلاثة: الأسلحة والمساعدات والتحالفات. زودت (الولايات المتحدة) (إيران) ببعض المعدات الحربية، ولكن أي خطوة فوق ذلك كانت تتطلب موافقة الكونجرس، وكانت المساعدات المالية مخيبة لآمال (إيران) مقارنة بالمساعدات التي تلقتها جارتهم (تركيا). وعن الأحلاف، فقد كانت البلد في حالة ضعف من الداخل؛ فبالتالي لن تجني أي فائدة من هذا التحالف.
حاول الشاه إصلاح الأوضاع داخليًا؛ ليقوم في العام 1950 بتعيين الجنرال (رازم آراه) رئيسًا للوزراء، الذي حاول التخفيف من حدة المعارضة التي كان يقودها (مصدق) في هذا الوقت، والذي بدأ يركز مطالبه على تأميم البترول.
كان (مصدق) يمثل الجناح السياسي في الحركة القومية، أما الجناح الديني فكان يتزعمه (آية الله أبو القاسم كاشاني)، وكانت هناك أيضًا جماعة (فدائيين - إسلام) التي أسسها وتزعمها (نواب صفوي)، والتي قام أحد أعضائها باغتيال (رازم آراه) في 20 فبراير 1951م، وفشلت الحكومة في إحضار إمام ليقوم بصلاة الجنازة عليه بعد اغتياله نتيجة لتهديدات هذه الجماعة. حاول الشاه بعدها الحصول على إذن من المجلس النيابي لتعيين رئيس وزراء ولكن المجلس تمسك بسلطته في تعيين الوزراء، وأن الشاه وإن كان قد فرض عليهم (رازم آراه) من قبل، فلن يقبلوا هذه المرة؛ ليصبح (مصدق) رئيسًا للوزراء في 19 إبريل 1951م، وأصدر قانون التأميم في 30 إبريل، ووقعه الشاه في أول مايو؛ لتتوقف الشركات الأجنبية عن دفع التزاماتها للحكومة؛ مما أدى إلى عدم صرف رواتب العديد من موظفي الحكومة، قبل أن يتوقف تكرير البترول كلية في 31 يوليو.
كانت شركة البترول الأنجلو إيرانية هي من فاتحت (كيرميت روزفلت) في موضوع الانقلاب على (مصدق) عند مروره بـِِِِِِ (لندن) في نوفمبر 1952م، وأوضحوا له أنهم يودون رؤية (مصدق) وقد أطيح به. لقد اتفقت رغبة البريطانيين والأمريكيين في التخلص من (مصدق)، وكان لكلٍ منهما دوافعه؛ فالشركة البريطانية ترغب باستعادة امتيازات النفط، والأمريكيون يخشون من الاستيلاء السوفيتي على (إيران)، ليتم الانقلاب في أغسطس، وتم تعيين الجنرال (زاهدي) رئيسًا للوزراء مكان الدكتور (مصدق)؛ ليسلم نفسه إلى قوات الشرطة، ووُضع في زنزانة تصل فيها المياه إلى وسطه؛ مما أدى إلى إصابته بروماتيزم حاد، نتج عنه شلل كامل، وظل في السجن خمس سنوات قبل أن يُطلَق سراحه، ثم مات بعد ذلك بفترة وجيزة.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان